حیدر سهیلی الإصفهاني

یحیی سنوار لیس إلا محارب قدیمي یعرفه الإسرائیلیون بدقة بالغة و بلا أدنی شک هو محارب جید بمعنویات و خبرة عالیة.

 علی الرغم من هذا، حاله مثل حال کل شخصیة أخری له حدود و ثغور محددة. طبعا لیست الساحة له مؤهلة حتی یبرز کافة خبراته و طبیعي بأن لیس أمامه خیارات عدیدة. هو یحارب و یفر و هذا الکر و الفر یقلل من قدراته علی أرض الواقع.

 لکن الإعلام الإسرائیلي أصبح یضخم بشخصیته و یثخن بحجمه حتی یجعل منه قائدا لایقهر، بطلا لیس مثله بطل و یدیر الکفاح وحده بقدراته الموهوبة و لیس کمثله شخص آخر و یعلم من یعلم بأن للصهاینة قدرات هائلة لاتقاس للتباکي و التظلم.   

 یقول هذا الإعلام بأن سنوار بطل شرس و له قدرات هائلة أکثر من إنسان عادي و مع هذا یعرفون جیدا بأنه في المصید کل یوم و کل ساعة و إحتمال القضاء علیه غیر مستبعد تماما.

 بسبب هذه العملیة الترویجیة الذي یقودها الإعلام الإسرائیلي في أنحاء العالم، إذا قضوا علی هکذا شخص لاسمح الله و خاصة إذا حصلوا علی رفاته ستکون هذه ضربة قاضیة و ربما ممیتة للمقاومة الفلسطینیة التي ستفقد رکنها الرکین.

 هذه لیست إلا لعبة إسرائیلیة تکتیکیة و هي عبارة عن لعبة تضخیم و تفخیم یحیي سنوار و ثم إستخدام کل الوسائل المتاحة ناهیک عن مدي وحشیتها أو مدی منافاتها مع المبادئ الإنسانیة للقضاء علیه و لما قضوا علیه سیحتفلون علی رفاته کأنه قتلوا عملاقا شریرا کان نازل علیهم من السماء لکن «الجیش الدفاع الذي لایقهر» قضی علیه بسبب براعته.

 الجیش الإسرائیلي منهار و معنویاته في أدني الدرجات؛ هذا الذي کان یهدد إیران بأن سیقضي علیها و سیقتحمها  بجنوده و عتاده و صورایخه و طائراته، أصبح ینام بعیون مفتوحه علی الشمال حتی لایقتحم من جانب حزب الله أحد أذرعة إیران علی حدوده و أصبح یقلل من شأنه و یری بأنه لیس علی ذلک المستوی الذي کان یروجون عنه.

 خطة قضاء علی سنوار، خطة ترویجیة بإمتیاز یقودها نتنیاهو بنفسه الذي یحتاج لعملیات ترویجیة بسبب قلة الموارد عنده لکسب الحرب بأسرع ما یمکن لکي یخرج من تحت الضغط الهائل أو علی الأقل یخرج من الحلبة السیاسیة بهذه الحقبة برأس مرفوع لکي یرجع في حقبة أخری. بعبارة أخری، بعد ما قضی علی سنوار، سیخرج من الباب بشعبیة نسبیة و یدخل من الشباک في مستقبل لیس ببعیدا بشعبیة مرتفعة لأنه یعرف کیف یلعب علی الحبال ضد الحکومات المتتالیة التي ستأتي من بعده.

 عملیة القضاء علی یحیی السنوار أحد ملاعیبه. یرید أن یقلل من شأن ما حدث له في حرب غزة و یلخصه في عملیة لقضاء علی قائدا ما و یعلن الفوز بعدها و الإعلام الإسرائیلي و الغربي یخدمه في هذه اللعبة.

 لکن نعلم بأن ما تحدث في الغزة هي بالأساس ثورة من جانب أصحاب الأرض في الفلسطین المحتلة في 1948 الذي غُصبت أموالهم و عقارتهم و بُنیت إسرائیل علی أراضیهم و بیوتهم و میراثهم و ثم دمجوهم في قطعة أرض صغیرة بإسم قطاع غزة و لیس هجوما من جانب بطل عملاق إسمه یحیی السنوار مع قواته حاقد علی الیهود و ثم سیقضی علیه و ستنتصر دولة الصهاینة.

 یجب علی المقاومة الفلسطینیة مع کل أذرعتها أن تکافح ضد هذه الخطة الخبیثة و تفهم الشعب الفلسطیني أن ماذا یدور في أفکار نتنیاهو و أن إذا إستشهد سنوار و أمثاله لا سمح الله هناک آلاف مثلهم و المسیرة باقیة حتی إسترجاع الأرض أو علی الأقل حتی الحصول علی أدنی حقوق مسلوبة من الشعب الفلسطیني في هذه المرحلة من الکفاح. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *